رحلة الاٹام بقلم منال سالم

موقع أيام نيوز


تبدي عرفانها بما قدمه لها طوال اليوم 
ميرسي على اليوم الظريف ده أنا مكونتش متخيلة إني هستمتع كده 
بلطافة موحية ما زال باقيا عليها قال وهو يحتضن كفها براحتيه
ده بس لأنك موجودة معايا 
حاولت استعادة يدها وسحبها من بين قبضتيه لكنه رفض تركها وتابع بتنهيدة ثقيلة مغلفة برغبة متأججة
ونفسي تفضلي كده 

تقدم منها فتراجعت بشكل تلقائي للخلف إلى أن حاصرها بين جسده والباب الخشبي فاضطربت وتلبكت وتوترت للغاية من محاولته المكشوفة للتودد إليها بشكل حميمي قاومته قدر استطاعتها وهتفت تناديه بشيء من الذعر
دكتور مهاب!
مش قادر أمنع نفسي!
توسلته بارتعاش
أرجوك 
تجاوزت عن ندائها المستجدي لعقلانيته شبه المغيبة اضطرت أن تلجأ للجفاء معه لئلا ټندم لاحقا على تراخيها لذا جاء في باقي جملتها قدرا من الټهديد عندما تابعت
أبعد رأسه عنها ونظر إليها بغموض مريب دون أن ينطق بكلمة ومع ذلك تمسكت بصمودها وإن كان مهددا للخروج من جنة دنياه الثرية بكل ما تشتهيه النفس دفعت للخلف قائلة بصوت جامد
تصبح على خير 
تراجع مسافة متر ملوحا لها بيده قبل أن يرد بهدوء غريب
وإنتي من أهله!
لم تنظر تجاهه وأسرعت بفتح الباب لتدلف إلى الداخل وهي بالكاد تحاول السيطرة على رعشة أطرافها أوصدته مستندة بظهرها عليه محاولة استعادة انضباط حالها المتخبط حذرت نفسها بصوت العقل
اجمدي كده يا تهاني لو خدك للسكة دي هتبقي خسړتي كل حاجة قبل ما تملكيها من الأساس!
سحبت نفسا عميقا لتعيد الهدوء إلى أوصالها ثم تابعت مع نفسها وكأنها تعطيها تحذيرا شديد اللهجة
لم يطرأ على بالها العشق أو حتى اشتهاء متعته الشقية إلا حينما أصبحت تحت وطأة ضغوطات حميميته المخيفة راحت تكرر على مسامعها نفس العبارات المحذرة لتردع ما يناوش مشاعرها كأنثى من تقارب وتجاذب قبل أن يتفاقم الأمر وتعجز عن كبح جموحه ففي الحب تعمى الأبصار عن رؤية العيوب كما يحجب المنطق ويسلب من أذكى العقول  
قالت ديبرا بهذه العبارة المندهشة وهي تستقبل في غرفتها بالفندق ضيفها المشتعل برغباته والمدفوع بجوعه العاطفي بعدما لعبت الخمر برأسه وجعلته يصل إلى ذروة اتقاد حواسه اندفع إلى الداخل وهو يقبض عليها من منبت ذراعها بيده بعدما صفق الباب بقدمه قادها للأمام في لهفة متزايدة لتحاول مجاراته وهو ينهال عليها بقبلات نهمة ومتعطشة للمزيد طرحها على الفراش بعدما استل ثوبها القصير لتصبح كقطعة حلوى شهية جاهزة لأكلها تمدد فوقها مدمدما بلهاث متلاحق
أرغب بك بشدة 
تعجبت من ثورة مشاعره الحسية وفورانها بهذه الطريقة الغريبة وخاطبته بميوعة وهي تحتضن وجهه بيديها 
تريث قليلا عزيزي ما زال أمامنا الليل بأسره 
لا أستطيع 
قبل أن ينحني مجددا على شفتيها ناهلا منهما قدر ما يستطيع من حلوها شعر بها ټقاومه وهو يعيث فيما تملك من مقوماتها المغرية فرفع نظره إليه ليجدها تحتج في تذمر متدلل
أنت تؤلمني!
اعتلى وجهه هذه الابتسامة الخطېرة الواثقة لتتوهج بعدها عينيه بوميض مستثار وهو يسألها ليتأكد
ألا تفتقدين تقاربنا
أطلقت ضحكة ماجنة وتقلبت على
جانبها لتبدو أكثر إغواء وهي تخبره بعد لحظة من الصمت
ممم حسنا أنا أعطيك الأفضلية عن ممدوح في إيقاظ مشاعر الحب بي 
على حين غرة تحول لقطعة من الجليد بعد إفسادها للحظة التجلي هذه بعقد تلك المقارنة السقيمة بينهما لتذكره بأن رفيقه كان ولا يزال يناطحه فيما يجيد فعله مع النساء بتفرد ومجون وكأنه مفسد متعته الاستثنائية التي ينتشي بها فقد فجأة روح الشغف والاشتياق لتمضية لحظات عاصفة چنونية وغير منضبطة بشروط معها نظرت له ديبرا باندهاش وهي تتساءل بوجه يضم علامات الحيرة
لماذا توقفت
حل وثاق يديها قائلا بجفاء مريب قبل أن يستقيم واقفا
لم أعد أريد 
ما الذي حدث فيما أخطأت عزيزي مهاب
وقف أمام المرآة يهندم ثيابه التي تبعثرت ثم وضع رابطة عنقه حول ياقة قميصه شعر بها تضمه من الخلف كمحاولة غير مؤثرة منها لإعادته لوتيرة اللهفة مجددا مرغت وجهها في ظهره متسائلة في صوت ناعم
ألست أنا من تهوى الجموح معها
أطبق على شفتيه رافضا قول أي شيء نبذها بنظرات قاسېة جعلتها تستهجن هذه المعاملة الجافة منه لوح لها بيده كنوع من التوديع لها فصاحت من ورائه تناديه بضيق
مهاب انتظر 
يتبع الفصل السابع
الفصل السابع
القناع
الصباح كان مختلفا بالنسبة لها رغم ما امتلأ به ليلها من تفكير مجهد أفرطت على غير عادتها في تأنقها وارتدت زيا رسميا من قطعتين بدا أشبه بما ترتديه مضيفات الطيران من سترة وتنورة باللون البترولي كانت ياقة السترة تلامس منبت
رقبتها فأخفت عنقها البارز بالإيشارب المزركش الذي تلقته كهدية بالأمس القريب تأكدت من جعل العقدة عند جانب عنقها الأيمن ثم مسدت بيدها على جانبي التنورة لتفرد قماشها فيصل إلى ركبتيها اعتدلت بعدئذ واقفة ومشطت شعرها قبل أن تعقصه في كعكة مشدودة مرة أخرى ألقت نظرة متأملة لهيئتها النهائية في تسريحة المرآة لتمسك بأحمر الشفاه وتضيف مسحة رقيقة على ثغرها لم تنس كذلك إفراطها في نثر العطر الأنثوي على كامل ثيابها لتتحرك بعدها تجاه الفراش جلست على طرفه وانحنت واضعة الحذاء الجديد في قدميها أغمضت عينيها للحظة لتتنعم بإحساس الراحة وهو يغلف كيانها 
ابتسمت في رضا عن حالها ثم نهضت ساحبة معها المعطف الأسود لم تقم بارتدائه على الفور بل طرحته على ذراعها لتتأكد أولا من رؤية مهاب لها في هذا المظهر الأنيق قبل أن تتوارى خلف الداكن من الثياب بلغت المصعد وهبطت به للاستقبال عندئذ تعمدت التبختر في مشيتها لكنها في نفس الآن رفعت رأسها للأعلى في إباء وزهو أبقت على ملامحها هادئة حينما أبصرته ينهض من على الأريكة للترحيب بها رغم الاضطراب الذي عصف بوجدانه دفعة واحدة بالكاد ضبطت حالها وتشبثت بجمودها الزائف لتبدي انزعاجا مصطنعا ومنتقدا لسلوكه المتجاوز معها بالأمس وقفت قبالته وابتسمت ابتسامة صغيرة متكلفة وهو يستطرد 
صباح الخير دكتورة تهاني 
كما عهدته وجدته يرتدي حلته الرسمية ذات اللون الرمادي ومن فوقها هذا المعطف الأسود الثقيل هزت رأسها بإيماءة صغيرة وردت في إيجاز
صباح النور 
باقتضابها المتعمد في الحديث أرادت إشعاره بالذنب وبإثبات اختلافها عن الأخريات اللاتي قد يبدين ردة فعل مناقضة لها أو حتى متساهلة لعلها تنجح في التأثير عليه بشكل غير مباشر حين يجدها تعامله بجفاء ورسمية فلا يظن أن ما حدث يمكن تكراره ببساطة ودون ردة فعل رافضة كان يضع يده في جيب بنطاله وهو يخاطبها برنة هدوء مسيطرة على صوته
في البداية أنا عاوز أعتذرلك عن سخافة إمبارح 
تأهبت حواسها لما أبداه من اعتذار مفاجئ لم تضع في الحسبان أن يظهر ندمه بهذا الشكل السريع فقد ظنت أنه سيتغاضى عما حدث ويواريه بالحديث عن أشياء أخرى جانبية نظرت له بعينين مدهوشتين وهو يسترسل بتعابير منزعجة وبنبرة نادمة ومؤكدة
للأسف أنا عديت حدود الأدب معاكي وده شيء مضايقني جدا ومخليني مش راضي عن نفسي نهائي 
ظلت على دهشتها الغريبة لعدة ثوان لا تصدق ما حدث للتو بينما أطرق مهاب رأسه قليلا ليبدو مقنعا قبل أن يضيف بصوت تحول للنعومة
إنتي إنسانة غالية عاملة زي الياقوت النادر صعب الواحد مايتأثرش بيكي 
سقط القناع الواهي الذي اختبأت خلفه وطفا على وجهها التخبط والارتباك امتدت يده لتمسك بكفها رفعه إلى فمه ليطبع قبلة صغيرة عليه ثم نظر إليها وهو محڼي قليلا ليردد مرة ثانية وهو يرسم هذه الابتسامة الصغيرة الماكرة
بكرر اعتذاري ليكي يا دكتورة وأتمنى من قلبي إنك تقبليه 
أرخى أصابعه عن كفها فاستعادته وقالت بتلبك حرج
ولا يهمك 
تنحى للجانب وأشار بيده نحو المخرج قائلا بتهذيب أشعرها بالأهمية
اتفضلي يا دكتورة العربية منتظرانا 
تنحنحت في صوت خفيض قبل أن ترد وهي تسير بتمهل
شكرا 
طلب منها في صوت هادئ لا يخلو من الجدية الآمة عندما اقترب من الواجهة الزجاجية لاستقبال الفندق
الجو برد
فيا ريت تلبسي البالطو بتاعك 
تذكرت أنها وضعته على ذراعها فأومأت برأسها قائلة وهي تهم بارتدائه
حاضر 
تغلغل فيها هذا الشعور المنعش بالسعادة والارتياح فإن كانت محاولة واحدة عادية لصده استحثته على إبداء الندم الفوري فماذا إن تمنعت قليلا عليه!
استقرت في المقعد الخلفي إلى جواره في نفس السيارة التي نقلتهما بالأمس إلى مكان المؤتمر لكن هذه المرة كان منهمكا في مطالعة الكثير من الأوراق والملفات للدرجة التي جعلته يلتزم الصمت طوال الطريق مما أشعرها بشيء من الضيق لتجاهله لها فقد ظنت أنه سيحاول التودد إليها بأسلوب وديع ومهذب لكسب رضائها ومع ذلك صدمها بردة الفعل المتحفظة تلك وكأنه غريب كليا عنها كان مستغرقا في عمله للحد الذي أصابها بالتحير مما دفعها لإعادة التفكير فيما قررته قبل وقت سابق فقد لا يصلح ذلك التكتيك معه نفخت بصوت شبه مسموع له دون أن تدري فرفع رأسه عن الأوراق وقال باسما
أنا أسف إني مشغول عنك 
عادي مش مشكلة 
اقترح عليها وهو يمد يده بواحدة من الملفات
تحبي تبصي عليهم معايا
ترددت للحظة لكنها لم ترفض عرضه وقالت بابتسامة اتسعت قليلا
لو مش هيضايقك!
أصر عليها بحبور
بالعكس اتفضلي 
تناولت الملف منه وراحت تطالعه بعينين فضوليتين شتت نظراتها عن قراءة الأسطر الأولى عندما خاطبها
لو في حاجة مش واضحة قوليلي وأنا أشرحهالك 
عادت دفقة من النشاط تنتشر في أوصالها وهي ترد بحماس
ماشي 
استغلت المسافة المتبقية في ادعاء محاولتها الاستفهام عن بعض النقاط غير المفهومة ليظل الحديث ممتدا وموصولا بينهما لآخر وقت إلى أن تباطأت سرعة السيارة واحتل الفندق الفضاء المجاور لنافذتها فأشار بإصبعه تجاهه متكلما
احنا تقريبا وصلنا 
استدارت برأسها لتنظر إلى حيث أشار وقالت وهي تلملم الأوراق المتبعثرة معا
تمام 
لن تنكر أن ما أمضته من لحظات معدودة وهي تشاركه الرأي وتتناقش معه باستخدام العقل والحجة والمنطق جعلها تزداد رغبة ورجاء في تعميق صلتها به فتتجاوز حدود المهنية لتصل إلى ما هو أكثر من ذلك تأرجحت مشاعرها ما بين اللهفة والتمني فتنهدت مليا وهي تستعد للنزول وجدته في انتظارها يبتسم بعناية وجدية لم يمد ذراعه لتتأبط فيه كما تخيلت لهنيهة بل أشار لها لتسير إلى جواره وكأنه عاد لوضع هذا الحاجز الوهمي الفاصل بينهما 
لم يجلسا على نفس المائدة السابقة المخصصة لهما في المنتصف بل انتقل كلاهما للجلوس في المقدمة على مسافة قريبة من المنصة الرئيسية وهذا ما استغربته تهاني فقد توقعت ألا يكونا محط الأنظار لكن ربما يكون هناك ما لا تعلمه دفعت المقعد للأمام بعدما سحبه لها مهاب لتجلس عليه في تصرف مهذب معتاد منه ابتسمت تشكره وأخذت تطوف ببصرها على الحاضرين كان التواجد كثيفا عن يوم الأمس توقفت عن تأمل ما حولها عندما انتبهت للصوت الأنثوي المألوف وهو يتساءل 
عزيزي مهاب كيف
 

تم نسخ الرابط